الخدمة والخادم: قراءة في أرض الواقع.

     مقدمة:

 

  يمكن اعتبار الأسطر القادمة هي فضفضة قلم ، لما تحويه النفس من أسف على ما تراه كلما ذهبت للكنيسة وكلما وجدت أطفال لا يرغبون في الذهاب لحضور قداس الأطفال ولا حضور (مدارس الأحد)..
والدافع لكتابة هذا هي قصة قرأتها على أحد صفحات الفيس بوك ، فتاة تعاني من موقف قد حدث أن رأته داخل "خدمة مدارس الأحد" ترك أثر داخلها مدة أحد عشر عاما..

لم أكتب لاقتبس آيات ومواقف من الكتاب المقدس ، فكثير منا يحفظ الكتاب المقدس حفظ جيد ، والتفاسير بين أيدينا ، وما أكثر الكتب التي تشرح باقتباسات من الكتاب وتاريخ الكنيسة وأقوال الآباء ، رأيت من الأفضل أن نترك الكتب قليلا ، ونذهب لنرى واقعنا المرير ، ونقارن في أذهاننا  ما إن كان واقعنا الحالي مطابق لما نحفظه عن ظهر قلب أم إن كل شيء قد تبدل وتغير.

   مفهوم الخدمة:

الخدمة ليست واجب تؤديه وأنت مجبر ، ليست عمل قد فُرِض عليك ، بل هي محبة تقوم أنت بإيصالها بطريقة من الطرق تختارها أنت وتؤديها أنت وتٌسأل عليها أنت أيضا أمام الله أولا ثم أمام ضميرك . إذن، ما دمت أنت صاحب الاختيار فلا عذر لك في التقصير ولا عذر لك في الإهمال ومن ثم فعليك ملاحظة نفسك جيدا أولا بأول فيما تقوم به وما تقدمه ، عليك مراجعة كل حرف خرج منك وكل حركة خرجت منك أثناء تقديمك لهذه المحبة بالطريقة التي قد اخترتها أنت.

    مجالات الخدمة:

سأتحدث عن هذه النقطة باختصار ويكون تركيزي على 

خدمة مدارس الأحد للأطفال:


للخدمة مجالات عدة ، قد لا يكون حصر لها نذكر منها:
1__ خدمة الأطفال بمدارس الأحد بالكنيسة (هذه النقطة سنتناولها بشيء من التفصيل في السطور القادمة) ، وهي فرع من فروع المراحل المختلفة بمدارس الأحد.
2__ خدمة المسنين والمرضى.
3__ خدمة إخوة الرب.
4__ خدمة الأيتام والملاجئ.
5__ خدمة تنظيف بيت الله (الكنيسة).
6__ خدمة البحث العلمي.
7__ خدمة وسائل الإيضاح.
8__ خدمة الكورال (الترنيم).
9__   خدمات صامتة يفعلها الشخص دون الإعلان عنها لأي أحد بل وأحيانا يفعلها ويقدمها وهو لا يعلم أنها خدمة في نظر رب المجد.

   فكما قلت هذه مجرد نقاط بسيطة جدا من مجالات الخدمة ، كل منا يختار ما يناسبه وما هو قادر على تقديمه لأجل خلاص نفسه وخلاص الآخرين.
     لماذا اخترت بداية أن أتحدث عن (خدمة الأطفال) ولم أبدأ بأي مجال آخر من مجالات الخدمة:
  الموضوع ببساطة أن تكوين الإنسان يبدأ من الصغر ، فالطفل في مراحله الأولى هو عجينة ، يتم تشكيلها بسلاسة وسهولة ، والتنشئة البدائية للطفل ، أي ما يتعود عليه الطفل من البداية يستمر عليه ، ربما تؤثر الظروف على شخصيته فيما بعد ولكن تظل هناك نقاط  أساسية لا تتغير ، كمحبته وعلاقته بالكنيسة ، فإن بعد في فترة أو مرحلة من مراحل العمر ، يظل لديه حنين للعودة والاشتياق للأيام التي كان يقضيها في الكنيسة التي اعتاد التواجد بها منذ الصغر.


    خدمة الأطفال  بمدارس الأحد:

من أكثر الخدمات انتشارا ، أول مكان بعد المنزل  يتعرف فيه الطفل على شخص   (المسيح) كما يقدمه له الخادم، وأحيانا يكون المكان الأول بصورة مطلقة ، فقد يكون المنزل ليس به نموذج المسيح ليقدمه للطفل ويربيه عليه
أيضا فهي المكان الذي يتعلم فيه الطفل الأيمان والعقيدة الأرثوذكسية منذ الصغر، ، ومن خلال ما يقدم بخدمة مدارس الأحد يتم زرع الطفل في بيته  بيت الله (الكنيسة) وتأسيسه بها.
بعد هذا كله اعتقد قد اتضحت أهمية خدمة مدارس الأحد ، فمن تربى في مدارس أحد جيدة شب على ايمان صحيح وعقيدة مستقيمة ، ومسيح نموذج لحياته.

    دور الخادم:

مدارس الأحد ليست مدرسة حكومية ، تذهب يوم الجمعة لإعطاء حصة بالفصل الذي تخدم به ، ولتحفيظ بعض الآيات المتعلقة بالدرس ، ليست مجرد فرض شخصية على الطفل وإظهار شخصية أمام الزملاء من الخدام ، ليست مجرد كسب ود الكاهن راعي الكنيسة التي تخدم بها ،
وإنما هي تربية حقيقية ، هي محبة متبادلة بينك كخادم وبين الطفل مخدومك ، فكن أبًا ، أشعر بأولادك في الخدمة ، احتويهم ، فقد تكون أنت هو مثلهم الوحيد ، قد تكون أنت هو بمثابة أب لهم (لافتقادهم الأب الجسدي حتى وهو موجود على قيد الحياة" ، كوني الأم ، فقد تكوني إنتي عوضا عن أم توجد ولا توجد بالمنزل،
كن أخ ، صاحب ، صديق ، مرافق ، كن معلم ، لاحظ ما يحتاجه مخدومك  وكن أنت عوض هذا الاحتياج.
فعلى الخادم تتوقف علاقة الطفل بالكنيسة ، فأنت من تحببه في الحضور للقداس والخدمة ، وأنت من تجعله يكره كل الكره الحضور إلى الكنيسة عموما ، بكلمة واحدة تشعره بمحبة الله له ، وبكلمة واحدة تجعله يخاف ويهاب الوقوف والحديث مع الله ،
كن عطوفا مقدرا لظروف أبناءك ، ارشدهم بإسلوب طيب ، إسلوب قد يكونوا مفتقدينه وكن دقيقا رقيقا في معاملة مخدوميك احرص قبل خروج الحرف من فمك وضع أمامك أنك مسؤول ، وهذه وزنتك ، وستحاسب عن نتيجة تجارتك بها.

   ختاما:

أتمنى أن نتخلى عن ذواتنا في الخدمة وفي حياتنا بصفة عامة ، ونفكر بالأكثر في الآخر (المخدوم)
نتخلى عن روتينية الأداء الذي نقوم به ، نبتكر كل وسيلة لجذب كل طفل (لا زال لا يدرك أهمية الكنيسة) لبيته الأساسي ، نحاول بكل طريقة زرع أبناءنا (المخدومين) في الكنيسة منذ الصغر ، فالمثل يقول (من شب على شيء شاب عليه)

بقلم : إحدي خادمات الرب

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الخلاص كما تشرحه التسبحة القبطية

شروحات و تأملات علي الليتورجيا (صلاة الشكر)

الأصحاح الأول من سفر التكوين ... بين العلم و الكتاب المقدس