مقدمات مبسطة في علم اللاهوت 7 : يسوع أخونا البكر





((لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ لِيَكُونَ هُوَ بِكْراً بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ.)) [رو8: 29].

في هذا النص يعلن لنا الإنجيل حقيقة هامة جدًا وهي أن المسيح هو (أخونا البكر) بالبلدي أخونا الكبير. يعني انت ممكن تقدر تصلي للمسيح و تقوله يا أخويا الكبير !!!. 

هذه الحقيقة استمدها بولس الرسول أساسًا من حقيقة أن يسوع المسيح هو الله المتجسد و أن يسوع المسيح عاش كإنسان [ولِد، و رضع لبن العذراء، و عاش فقيرًا، و خضع للناموس فخُتن و قُدِمت عنه الذبائح (لو)، ثم اعتمد و عاش حياة الفقر الإختياري لدرجة أنه مكنش لاقي مكان ثابت يبات فيه (لو9: 58)، جاع و عطش و تألم و انجرح، و صُلِب، و خانه تلميذه، و هرب عنه أصحابه، ثم مات و وضِع في قبر، و في كل هذا قدم حياته و لحظاته على الأرض في خضوع تام لله و سعي لتتميم مشيئته، ثم قام ممجدًا من بين الأموات و صعد و جلس بجسمه البشري الممجد عن يمين الآب السماوي].

من الآخر  يسوع المسيح رغم أنه الإله عاش إنسان زينا في كل شيء لكنه اختلف في أنه لم يرتكب خطيئة لأنه بحريته كإنسان اختار تقديم حياته لله الآب بالكامل. و دعانا نحن أيضًا أن نؤمن به ثم به نتحد و نقدم حياتنا معه لله الآب بالكامل و بكده نمشي في نفس السكة اللي هو مشى فيها قبلنا ممكن في السكة نجوع و نعطش و نتألم و ننجرح لكن في الآخر حناخد مجد زي ما يسوع المسيح تمجد ((وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي)) [يو17: 22]. 

يسوع أخونا البكر و مثل الابن الضال :

 

في مثل الابن الضال (لو15) نجد قصة لابن صغير طلب من أبيه أن يأخذ ميراثه و يتركه، و بالفعل يعطي الأب للابن الأصغر ميراثه و يذهب الابن فيتألم و يشقى في غربته ثم يعود و هو يفكر أن يعيش كعبد عند أبيه ((18أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي، أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ،19وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْناً. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاكَ.)) لكن يقبله أبوه و يرجعه إلى مكانته الأولى لكننا نرى الأخ الأكبر و هو يقول ((29هَا أَنَا أَخْدِمُكَ سِنِينَ هَذَا عَدَدُهَا، وَقَطُّ لَمْ أَتَجَاوَزْ وَصِيَّتَكَ، وَجَدْياً لَمْ تُعْطِنِي قَطُّ لأَفْرَحَ مَعَ أَصْدِقَائِي. 30وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ ابْنُكَ هَذَا الَّذِي أَكَلَ مَعِيشَتَكَ مَعَ الزَّوَانِي، ذَبَحْتَ لَهُ الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ! 31فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ أَنْتَ مَعِي فِي كُلِّ حِينٍ، وَكُلُّ مَا لِي فَهُوَ لَكَ. 32وَلَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَفْرَحَ وَنُسَرَّ، لأَنَّ أَخَاكَ هَذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ»)).

في هذا المثل ده بنشوف الأخ الأكبر و هو زعلان أنه أبوه قبل الأخ الأصغر التائب رغم أن الأخ الأكبر مع الأب في كل حين و كل ما للأب فهو له.

لكن تعالوا نقارن بين اللي حصل في القصة اللي فاتت كده و بين يسوع المسيح أخونا البكر ابن الآب اللي تمم كل مشيئته و لم يتجاوز وصاياه أبدًا وهو  قال عن نفسه و هو بيكلم الآب ((وَكُلُّ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ، وَمَا هُوَ لَكَ فَهُوَ لِي)) [يو17: 10]. يسوع المسيح عمل ايه ؟
يسوع خرج بنفسه يدوّر على الإنسان اللي تاه و فرح بأنه رجع ((5وَيَذْهَبَ لأَجْلِ الضَّالِّ حَتَّى يَجِدَهُ؟5وَإِذَا وَجَدَهُ يَضَعُهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَرِحاً،6وَيَأْتِي إِلَى بَيْتِهِ وَيَدْعُو الأَصْدِقَاءَ وَالْجِيرَانَ قَائِلاً لَهُمُ: افْرَحُوا مَعِي، لأَنِّي وَجَدْتُ خَرُوفِي الضَّالَّ!.)) [لو15]. 

مش بس كده ده هو اللي و قف قدام الآب و قاله أقبل ابنك اللي تاه لأنه أخويا الصغير و وصلت بيه الدرجة أنه مات عشان يديله حياة بدمه ((لأَنَّ هَذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا.)) [مت26: 28]، و أيضًا أجلسه على مائدة الآب الخاصة ليأكل و قال : ((54 مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، 55لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقٌّ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقٌّ. 56مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ. 57 كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ، وَأَنَا حَيٌّ بِالآبِ، فَمَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي.)) [يو6].  

و هو اللي قال ((«هَذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ. 13لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ. 14أَنْتُمْ أَحِبَّائِي إِنْ فَعَلْتُمْ مَا أُوصِيكُمْ بِهِ. 15لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيداً، لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، لَكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي.)) [يو15]. بل و هو اللي أعطانا الروح القدس اللي هو ((رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ». 16اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ)) [رو14] .

لكن يسوع كمان مش بس أخ أكبر للناس اللي آمنوا بيه ، لكنه كمان أخ أكبر لكل البشر  مهما كانت درجتهم الروحية أو مستواهم الإجتماعي و مهما كانت حياتهم ((34ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي،رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. 35لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيباً فَآوَيْتُمُونِي. 36عُرْيَاناً فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضاً فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوساً فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. 37فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِليِنَ: يَارَبُّ،مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً فَأَطْعَمْنَاكَ،أَوْ عَطْشَاناً فَسَقَيْنَاكَ؟ 38وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيباً فَآوَيْنَاكَ،أَوْ عُرْيَاناً فَكَسَوْنَاكَ؟ 39وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ 40فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقَوُلَ لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ،فَبِي فَعَلْتُمْ. 41«ثُمَّ يَقُولُ أَيْضاً لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لِإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ، 42لأَنِّي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي. عَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقُونِي. 43كُنْتُ غَرِيباً فَلَمْ تَأْوُونِي. عُرْيَاناً فَلَمْ تَكْسُونِي. مَرِيضاً وَمَحْبُوساً فَلَمْ تَزُورُونِي. 44حِينَئِذٍ يُجِيبُونَهُ هُمْ أَيْضاً قَائِليِنَ: يَارَبُّ مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً أَوْ عَطْشَاناً أَوْ غَرِيباً أَوْ عُرْيَاناً أَوْ مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً وَلَمْ نَخْدِمْكَ؟ 45فَيُجِيبُهُمْ قَائِلاً: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوهُ بِأَحَدِ هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِي لَمْ تَفْعَلُوا.)) [مت 25].

خلاصة :

يسوع المسيح ربنا مكنش أناني ده ساب مجده وراح يدور على أخوه الصغير [الإنسان اللي تاه]، يسوع المسيح عاش زي كل البشر و حب كل البشر و قدم بمحبته كل البشر للآب عشان يقبلهم. يسوع المسيح أخ كبير كل البشر المؤمنين بيه و اللي مش مؤمنين، اللي بيحبوه و اللي مش بيحبوه، الفقراء و الأغنياء. يسوع المسيح أيها القاريء العزيز هو أخوك الكبير كما أنه أخويا الكبير برضه لذلك لا تخاف أو تستنكر إنسانية يسوع و لا تبخس قدرك في المسيح .. لأن المحبة ترفع و لا تذِل. لا تخف مهما كانت خطاياك فقط أرجع له و اعترف بها و ثق تمامًا
(( 31 ...... إِذا كانَ اللّهُ معَنا، فمَن يَكونُ علَينا؟ 32 إِنَّ الَّذي لم يَضَنَّ بابْنِه نَفسِه، بل أَسلَمَه إِلى المَوتِ مِن أَجْلِنا جَميعًا، كَيفَ لا يَهَبُ لَنا معَه كُلَّ شَيء؟ 33 فمَن يَتَّهِمُ الَّذينَ اختارَهمُ الله؟ اللهُ هوَ الَّذي يُبَرِّر ! 34 ومَنِ الَّذي يُدين؟ المَسيحُ يسوع الَّذي مات، بل قام، وهو الَّذي عن يَمينِ اللهِ والَّذي يَشفعُ لَنا؟. 35فمَن يَفصِلُنا عن مَحبَّةِ المسيح؟ أَشِدَّةٌ أَم ضِيقٌ أَمِ اضْطِهادٌ أَم جُوعٌ أَم عُرْيٌ أَم خَطَرٌ أَم سَيْف؟ 36 فقَد وَرَدَ في الكِتاب: «إِنَّنا مِن أَجْلِلكَ نُعاني المَوتَ طَوالَ النَّهار ونُعَدُّ غَنَمًا لِلذَّبْح». 37 ولكِنَّنا في ذلِكَ كُلِّه فُزْنا فَوزًا مُبيناً، بِالَّذي أَحَبَّنا. 38 وإِنِّي واثِقٌ بِأَنَّه لا مَوتٌ ولا حَياة، ولا مَلائِكَةٌ ولا أَصحابُ رِئاسة، ولا حاضِرٌ ولا مُستَقبَل، ولا قُوَّاتٌ، 39 ولا عُلُوٌّ ولا عُمْق، ولا خَليقَةٌ أُخْرى، بِوُسعِها أَن تَفصِلَنا عن مَحبَّةِ اللهِ الَّتي في المَسيحِ يَسوعَ رَبِّنا.)) [رو 8]

صلاة 

يا يسوع المسيح يا إلهي و أخي البكر، أشكرك من أجل عظيم محبتك، أشكرك لأنك مكنتش أناني زي الأخ الأكبر اللي انت اتكلمت عنه في المثل، لكنك حبيبتني حب ميتوصفش رغم ضعفي. أشكر لأنك علمتني أن كل البشر أخوتي زي ما هما أخوتك. أعطني يا ربي أن أكون أخًا لكل البشر مثلك أنت، أعطني أن أشفق على المسكين و البائس و الجائع لأتمم مشيئتك في هذا العالم. لك كل المجد مع أبيك الصالح و الروح القدس المعزي . آمين 
   




  




تعليقات

  1. جمیله جدا یسوع یعطینا القوی و الارشاد اننا نثبت فیه من اجل ان نکون اقویاء بالقدر الکافی لنصبحی الاخ الاکبر لکثیرین و تکون ارادة یسوع لحیاتنا واضحه و ثابته امامنا فی کل حین ...شکرا جدا

    ردحذف
    الردود
    1. آمين يا ليليان ... هي دي رسالة المسيح اللي عايزنا نوصلها لكل العالم ... و ربنا يقوينا كلنا عشان نأديها على أكمل وجه بنعمته

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الخلاص كما تشرحه التسبحة القبطية

شروحات و تأملات علي الليتورجيا (صلاة الشكر)

الأصحاح الأول من سفر التكوين ... بين العلم و الكتاب المقدس