منْ أنا حتى تتركني؟ ـ القديسة الأم تريزا





 هذه بعض كلمات كتبتها الأم تريزا تشرح فيها مدى الألم و المخاض الذي يمكن ان يمر به حتى هؤلاء الذين يحبهم الرب
لطالما ذكرت شخصيًا هذه الكلمات بحذافيرها في صلاتي دون حتى أن أعرف ان هناك من عانى مثل ما عانيت من قبل و دوّن معاناته هذه

"ربي .. إلهي، منْ أنا حتى تتركني؟ ابنة محبتك، والآن أصبح كأكثر المكروهين، كمن تلقي بها جانباً، غير مرغوبة وغير محبوبة. إني أدعو، وأرغب وأتشبث ولا مجيب، لا يوجد منْ أتشبث به، ليس.. ليس ولا واحد، تماماً بمفردي. الظلمة حالكة، وأنا وحدي بمفردي، منبوذة وغير مرغوبة. وللقلب المحتاج للحب الوحدة لا تطاق. أين إيماني؟ حتى بداخل أعماقي لا يوجد سوى الظلمة والخواء.

يا إلهي، ما أشده هذا الألم المجهول .. ألم لا يتوقف. ليس لديّ إيمان. لا أجرؤ على التفوه بما يزدحم في قلبي من أفكار وكلمات تجعلني أعاني عذاب لا يمكن البوح به. إنما أسئلة كثيرة غير مجابة تعيش في داخلي، أخاف أن أفصح عنها لئلا أجدف.. إن كان إله .. أرجوك سامحني. أثق أن الكل سينتهي في السماء مع المسيح. حين أحاول أن أرفع أفكاري نحو السماء يصرعني الفراغ حتى أن أفكاري تلك ترتد علىّ كسكاكين حادة تمزق أعماقي.

الحبّ، كلمة لا تأتي بشيء. قيل لي أن الله يحبك، إلا أن واقع الظلمة والبرودة والخواء أكبر جداً من أن يسمح لشيء بأن يلمس روحي. قبل بدء الخدمة، كان هناك الكثير من الحب والاتحاد، الثقة والإيمان، التضحية والصلاة. هل أخطأت بتسليمي الأعمى لدعوة القلب المقدس؟ لا شك لدى في الخدمة، فأنا مقتنعة بأنها خدمته وليست خدمتي. فلا أشعر ولا حتى مقدار ذرة بفكرة واحدة أو يداخلني إغراء واحد بأن شيء في الخدمة لي. “الابتسامة لا تفارق وجهها” هكذا يعلق علىّ الناس، كذلك الراهبات من حولي، ظانين أن الإيمان والحب والثقة يملئوا عمق كياني وأن الاقتراب من الله والاتحاد بمشيئته حتماً يأكلا قلبي. وهل يمكنهم غير ذلك وتهللي هو القناع الذي به أغطي البؤس والخواء.

وعلى كل هذا فالظلمة والخواء لا يؤلما بمقدار اشتياقي إلى الله. إن التناقض الذي أحسه سوف يفقدني توازني. ماذا تفعل يا إلهي بكائن صغير جداً؟ حين طلبت أن تطبع آلامك في قلبي، فهل هذه هي الإجابة؟إن كان هذا يأتيك بالمجد، إن كان يفرحك ولو قدر قطرة، إن كان يأتي بالنفوس إليك، إن كان ألمي يروي ظمأك.. فها أنا يا رب بسرور أقبل الكل وحتى نهاية الحياة، وسأبتسم دائماً في وجهك المختفي. لماذا هناك ألم شديد وظلام حالك في نفسي؟ أحياناً أجدني أقول “لا أستطيع التحمل أكثر من هذا” وفي نفس اللحظة أقول “آسفة، افعل بي ما شئت.” "

كتاب "تعالي كوني نوري" ـ
المراسلات الخاصة للأم تريزا - قديسة كلكتا
ص 186- 188

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الخلاص كما تشرحه التسبحة القبطية

شروحات و تأملات علي الليتورجيا (صلاة الشكر)

الأصحاح الأول من سفر التكوين ... بين العلم و الكتاب المقدس