مقدمات مبسطة في علم اللاهوت - 2


بعدما تكلمنا عن عدة مصطلحات في المرة الأخيرة ذكرنا في آخرها الإيمان، و أوضحنا أننا لانؤمن بغيبيات بل نؤمن لأننا عايشنا و أختبرنا شهادات الذين سبقونا على تفاعل الله معهم داخل التاريخ و الزمن. و الآن نأتي لنقطة مهمة جدًا في فهمنا للإيمان الا وهي :-

·        ما هو أساس الإيمان؟


أساس إيماننا مبني علي إعلان الله لنفسه في التاريخ. أي أن إيماننا مبني على ‘‘ شخص الرب يسوع المسيح ’’. و أكررها مرة أخرى إيماننا مبني علي شخص، شخص حي دخل تاريخنا و زماننا و تفاعل معنا و نحن معه "اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا" (1يو 1:1).

هو شخص نتفاعل معه كل يوم من خلال علاقتنا الشخصية به، إيماننا هو شخص حي و ليس كتاب مُنزل. يسوع هو أنجيلنا و كتابنا المقدس.

يقول القديس اغناطيوس الانطاكي :
‘‘ النصوص بالنسبة لي هي يسوع المسيح، النصوص هي صليبه و موته و قيامته و الإيمان الذي هو من عنده’’ {الرسالة إلي فيلادلفيا 8: 2}

·        ما هي مصادر معرفتنا بهذا الشخص (يسوع المسيح)؟

1-    الأتحاد به في :

# المعمودية : "لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ ‍لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ" (غلاطية 3: 27)

      # الأفخارستيا(سر التناول) : "مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي ‍يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ." (يوحنا6: 56).
فنحن متحدين بهذا الشخص و هو متحد بنا في عمق أعماقنا و بكل ذرة فينا. ليس الأولون فقط هم من لمسوه لكن نحن أيضًا في كل قداس لا نلمسه فقط بل نأكله أيضًا !

2-    التعليم و التقليد الشفوي عن يسوع المسيح :

هذا التعليم و التقليد ليس هو  فقط عن حقيقة يسوع و عن الإيمان به بل هو في الأصل تسليم و تقليد[1] للحياة (كيف نحيا مع أنفسنا و مع الآخر و مع الله و كيفية محافظتنا علي الإيمان قولاً و فعلاً.)

3-    الليتورجيات (الصلوات) الكنسية المختلفة مثل القداس، المعمودية ..... الخ،و أيضًا قوانين الإيمان التي كان يتلوها المؤمنون شرقا و غربا قبل أن يتعمدوا[2] .

4-    التعليم المدون : و التعليم المدون المقصود به (الكتاب المقدس بعهديه الجديد و القديم).

يقول القديس اثناسيوس الرسولي في رسالته لأدولفوس الأسقف المعترف ضد أريوس " إيماننا صحيح يبدأ من تعليم الرسل، و تقليد الآباء، و يتأكد بالعهد الجديد و العهد القديم" أي أن الإيمان يتأكد بالعهدين و ليس يتكون بالعهدين[3]. فالعهد الجديد بالذات هو جزء من التعليم و التقليد الذي استلمناه عن يسوع المسيح (من الرسل و الآباء) و لكننا استلمناه كتابة لا شفاهة.  

الخلاصة : نحن (أهل شخص) نؤمن به و هذا الشخص هو يسوع المسيح و لسنا (أهل كتاب) نتمسك بحرفه فإذا سقط الحرف سقط معه الإيمان، نحن أهل حياة و لسنا أهل ورق و حروف .

        





[1] معني كلمة تقليد ليس فقط أننا نحاكي Imitate  إيمان الذين سبقونا، بل يحمل ايضًا معني الإنسان الذي (يقلد ميدالية) فنحن تقلدنا الإيمان أي لبسناه كمل نلبس الميدالية أو كما يتقلد الإنسان سيفه في الحرب. و ليس قلدنا الإيمان بمعني أننا حاكينا الذين سبقونا دون ان نفكر او نحيا الإيمان.
[2] قانون إيمان نيقية لم يكن هو أول قانون إيمان مسيحي تم صياغته فنحن لدينا شهادات كثيرة علي وجود قوانين إيمان سابقة علي مجمع نيقية المسكوني الأول(325م) نجد هذه الشهادات عند اغناطيوس الانطاكي، يوستين الشهيد و غيرهما.  
[3] بحث بعنوان " التقليد دراسة للتعليم الآبائي عن التقليد في الكنيسة الارثذوكسية" للباحث جون ادوارد و يمكنك أن تجده علي مدونة "التدبير الإلهي" لنفس الباحث http://divine-arrangement.blogspot.com/2012/04/blog-post_15.html.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الخلاص كما تشرحه التسبحة القبطية

شروحات و تأملات علي الليتورجيا (صلاة الشكر)

الأصحاح الأول من سفر التكوين ... بين العلم و الكتاب المقدس