إحملوا بعضكم أثقال بعض




عظة للمطران انتوني بلوم .. مطران
Sourozh
ألقيت في14/7/1991
 رسالة بولس الرسول الى رومية (14: 1- 7)



كم هي جميلة و بسيطة نهاية رسالة البولس اليوم!
"اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ وَهَكَذَا تَمِّمُوا نَامُوسَ الْمَسِيحِ"(غل2:6)، و لكن أنظروا كم يتطلب منا هذا فعل الكثير.فربط حمل الأثقال بالمسيح يعني أننا لابد أن نكون مستعدين لحمل أثقال كل الناس، سواء كانوا أصدقاءً أو خصوم.و سواء كان الحمل مُشَرِفا و عظيما، أو مهينا و حقيراً.
   لقد أصبح المسيح إنسانا و أحتمل ليس فقط ضعفنا البشري بل أيضا ثقل العالم الساقط كله. لقد وضع علي نفسه الأحمال المضنية التي تنوء بها حياة كل من أقبل إليه.ليس فقط المرضي و المعوزون و المضطهدون بلا سبب، بل أيضا الذين تمرغوا في الوحل أو بدوا أشراراً في أعين غيرهم من الناس؛ لكن خلال هذه الظلمة التي أعمت الناس، رأي المسيح النور في قلوب هؤلاء الأشرار،لقد رأي صورته الإلهية منطبعة في أعماق قلوبهم، و قد اعلن نفسه لهذه الصورة، و أيقظ الحياة الأبدية الكامنة فيهم سواء بلمسة أو كلمة أو حتي بحضوره الشخصي.
   لذلك عندما نسمع بولس الرسول يقول أننا يجب أن نحمل أثقال بعضنا، فإنه يتكلم وفي ذهنه أن المسيح مستعد لقبول الكل، و أنه لم يفقد أبدا الأمل في إنسان، وأيضا تعليمه بأننا يجب أن نهتم بأخوتنا
يبدو هذا سهلا جدا حينما يبدو الموقف مأساويا و يستدعي مشاركتنا.فمن السهل أن نمتليء بالشفقة و التعاطف مع المضطهدين او الذين لهم حاجات مادية، أو يعانون آلآما نفسية،أو اي نوع من الألم.
من السهل علينا أن نتعاطف وقتيا مع المرضي؛ و لكن من الصعب أن يظل هذا التعاطف قائما مع المرضي الذين يتطلبون قدرا كبيرا من العناية ربما يمتد لسنين أو عقود، أو مع أصحاب الأضطرابات العقلية الذين يتطلبون قدرا أكبر من العناية و الأهتمام، ونفس الموضوع يحدث مع كل الذين يحتاجون أن نساندهم و نحملهم علي اكتافنا.من منا قادر علي فعل ذلك؟
   لكن هناك طرق أخري لنحمل اثقال الاخرين.الامثلة التي أعطيتها سابقا كانت عن الأحمال التي أصابت آخرين و ما علينا فقط هو أن نشاركهم إياها للحظات أو سويعات،فحينما نزور المرضي فنحن نحمل أعبائهم من ضيق وكرب، لمدة قصيرة.
فلأننا جالسناهم وساندناهم و أظهرنا لهم عميق اهتمامنا بهم؛ فنحن بمجرد أن نخرج من عندهم سوف نضع هذه الاحمال عنا بضمير مرتاح بينما يظل الآخرون يحملونها.
   كم هو أصعب بكثير حينما يوضع الحمل علينا نحن، و ليس هو ذلك الحمل الذي يجعلنا نرتقي في أعين أنفسنا  و أعين الاخرين؛ لكنه ببساطة المعاناة و الضيق في أبشع الصور.أحمال مثل كراهية الاخرين لنا وحقدهم علينا،أو إفترائهم علينا وقذفنا بالباطل، و طرق كثيرة أخري من الممكن بها أن يجعل الناس حياتنا لا تطاق.
كم هو صعب علينا أن نفكر فيمن يضايقوننا ليس فقط علي أنهم سبب الدمار الذي لحق بحياتنا بل أيضا علي أنهم عميان لا يعلمون ماذا يفعلون. نحن نصلي في الاواشي(الأبتهالات) سائلين الله الرحمة للذين يكرهوننا و يخطئون إلينا و يدبرون الشر و يعملونه ضدنا.

   في أغلب الأحيان يقول الناس أنهم لم يفعلوا شيئا، أو لا يعنون شيئا؛ و لكنهم غالبا ما يكونون طائشين تماما في تعاملاتهم معنا. كم هو صعب علينا في هذه الحالة أن نري مثل هؤلاء ممن يخطئون إلينا علي أنهم أثقال يجب أن نتحملها بكل ما يترتب علي ذلك من عواقب. و أن نصلي من أجلهم امام الرب بكل ما فيهم من قبح وشر ورعونة و قسوة-غير متعمدة- و نقول "يا رب أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون."
   هذه الكلمات جميلة و ملهمة. إن حملك لأثقال غيرك يساعدك علي تتميم ناموس المسيح، وهذا يتطلب منك رحابة صدر و ثباتا و شجاعة و تشبها بالمسيح وهذا غالبا ما يتعدي ما نحن مستعدون لتقديمه لأغلب الناس في أحيان كثيرة .حتي لهؤلاء الذين نحبهم ومستعدون أن نشاركهم أحمالهم وقتيا ثم نمضي ونتركهم يحملونها وحدهم مرة أخري.
   دعونا نعكس هذا علي كل الذين نعرفهم مبتدئين بأشد الناس عداوة، أو حتي هؤلاء الذين يشكلون حملا علينا سواء لمجرد أنهم موجودون أو بسبب الطريقة التي يتصرفون بها.ثم بعد ذلك دعونا ننظر لمسافة أبعد ونتعلم أن نقبل الثقل و نحمله حتي الموت كما فعل المسيح علي الصليب.

آمين

ترجمة : مايكل ميلاد [هياكل جديدة]

نقلا عن : http://www.mitras.ru/eng/eng_77.htm






 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الخلاص كما تشرحه التسبحة القبطية

شروحات و تأملات علي الليتورجيا (صلاة الشكر)

الأصحاح الأول من سفر التكوين ... بين العلم و الكتاب المقدس