خواطر في المسيحية : 1- غريزة البقاء
تكمن أهمية المسيحية في أنها قدمت الحل لمعضلة الإنسان الأولى التي تحرك كل غرائزه ألا و هي " السعي للبقاء " بدأت الحكاية مع أول تحذير اعطاه الله للإنسان لا تأكل مش شجرة (معرفة الخير و الشر) [1] . ما أراده الله هو ماعبر عنه السفر رمزيا بالأكل من ثمرة محرمة ، لكن المقصود من وراء النص هو تحذير الإنسان من السعي لامتلاك الحكمة المطلوبة ليدير شئونه و شئون الكون [2] مُنفردا فاصلا نفسه عن التعليم و المعية الإلهية (شجرة الحياة) ، ظانًا أنه بامتلاكه المعرفة و التمييز قد أصبح قادرًا على التخلي عن تبعيته لله و اعتماده بالكلية على نفسه في إدارة الأمور. رفض الإنسان ذلك و اختار نفسه دون الله و بالتالي في اختياره لنفسه اختار الموت الذي هو اصل طبيعته المخلوقة التي تعتمد على مصدر خارجي (هو الله) . و هنا عادت غريزة البقاء لتسيطر مرة أخرى على الساحة فوجدنا الإنسان يبني الحضارة و المدن ، يصنع الادوية لمواجهة المرض، يُبدِع فنًا و أدبًا و فكرًا ، يستشرف المستقبل ، و يسعى لتوطيد جذوره في الأرض أمور كلها وجِدت لتصب في صالح الخير و الحياة للجميع. و بالمصاحبة مع هذا وجدنا الإنسان...